استراتيجية العزم على التنفيذ

حذر السلف الصالح من التسويف والمماطلة في المسارعة في الالتزام بالعادات الحسنة ، احذروا (سوف).. كانت هذه وصية رجل عاقل من رجالات عبد القيس عندما طلب منه قومه أن يوصهم… فأجاب قائلاً: احذروا سوف. وهي نفس وصية ثمامة بن بجاد السلمي لقومه، حين قال: أي قوم، أنذرتكم سوف!! سوف أعمل، سوف أصلي، سوف أصوم.

ومما قرأت ، أن من أنجع الطرق لتعزيز المسارعة على التزام العادات الحسنة والتخلص من العادات السيئة استراتيجية العزم على التنفيذ. صاغ هذه الاستراتيجية عالم النفس بيتر غولوتزر عام 1999 بعد سنوات من البحث حول فاعلية استراتيجية العزم على التنفيذ في حل مشكلات التسويف. تقوم هذه الاستراتيجية على أساس صياغة الهدف بشكل واضح وبآليةٍ محددةٍ وواضحةٍ زماناً ومكاناً بحيث تتم صياغة خطة تنفيذ العادة بشكل متكامل وغير قابل للَّبْس.

لقياس فعالية هذه الاستراتيجية في تعزيز تحقيق الهدف المنشود نفذ الباحثون دراسات اجتماعية على مجموعتين من الطلاب المشاركين ، مجموعة طلب منها وضع خطة واضحة زماناً ومكاناً للعودة إلى مكان الدراسة لتنفيذ الجزء الثاني من الدراسة ، والمجموعة الأخرى طلب منها فقط تحديد الوقت الذي يحددونه بأنفسهم للعودة لتنفيذ الجزء الثاني من الدراسة في الوقت الذي يناسبهم. في كلتا الحالتين حدد الطلاب المشاركون أنفسهم الوقت الذي يناسبهم من قائمة من الأوقات المحددة في استبانة المشارك. لاحظ الباحثون زيادة عدد المشاركين الذين عادوا لتنفيذ الجزء الثاني من الدراسة ممن تم وضع خطة عزم على التنفيذ بنسبة أكثر من ثلاثة أضعاف المشاركين من العينة التي لم يتم توضيح خطة عزم على التنفيذ واضحة. الأمر الأكثر إثارة أن تحديد نية التنفيذ رفعت نسبة الحضور بنسبة تزيد عن 40٪ بغض النظر عن اعتبار الشخص كونه مماطلاً في تنفيذ ما ينوي فعله. بصيغة أخرى ، الشخص الذي يعبر نفسه متوسط إلى كثير التسويف في تنفيذ خططه تحسن التزامه في تنفيذها بمجرد وضع خطة واضحة معلومة الأهداف ومحددة الزمان والمكان.

لاحظ عزيزي القارئ أن تغييراً بسيطاً في خططك المستقبلية ، وصياغتها ضمن خطة تنفيذ واضحة ومحددة يجعل ما تظنه مستحيلاً ممكناً ، ويرفع جدوى الخطة ويقلل تفويت الفرص بنسبة تفوق 40% من دون بذل أي جهد إضافي. وهذا قد يتحسن بشكل أكبر إذا ما قرنته بربط تلك الخطة أو النشاط بخطط أنشطة تسبقه أو تتبعه ، وكما تسمى استراتيجية تكديس العادات كما سنقرأ في موضوعنا التالي.